الثلاثاء، 3 فبراير 2009

ولد الفنان جواد سليم عام 1920 في انقرة من ابوين عراقيين درس فن النحت في باريس على يد البروفيسور (كومنت) ثم رحل الى روما عام 1939 لدراسة النحت في اكاديمية الفنون الجميلة على يد البروفيسور (فونيللي) ودرس النحت ايضاً في لندن بين الاعوام (1946-1949) حيث حصل على دبلوم شرف في الرسم والنحت يعد جواد سليم اول فنان عراقي يبذل محاولات جادة في الرسم الحديث وتعد لوحته الشهيرة (الملاريا) تتويجاً لمحاولاته الفنية خلال تلك الفترة قام بتأسيس فرع النحت في معهد الفنون الجميلة في بداية تاسيس المعهد نهاية الثلاثينات وفي عام 1951 أسس جماعة بغداد للفنالحديث واسهم مع (الرواد) وكان المحرك الحيوي بين افراد جيله من الفنانين ويعتبر(نصب الحرية) في بغداد آخر عمل ناضج يعتبر مدخلاً لاعماله الباقية لدى التأمل في شخصية جواد سليم فأننا سنتوقف امام الظاهرة الفنية المتوارثة عائلياً.. الاب المخضرم والاخوة الفنانون الثلاثة والاخت كأنهم بحارة تمخر سفينتهم مياه الفن اللامتناهي. شهدت نهاية الثلاثينيات في العراق الحديث ظهور عدد من الفنانين الشباب الذين كانوا قد اختيروا لايفادهم الى الخارج بغية تكوين نواة الفن التشكيلي العراقي ولم يكن عددهم يتجاوز اصابع اليد الواحدة. عاد فائق حسن عام 1938 لتدريس الرسم والنحت في معهد الفنون الجميلة وبعد فائق عاد جواد سليم متعهداً بتدريس فن النحت وكان قد عمل قبل ذلك في المتحف العراقي. كان جواد سليم قدراته عالية فكراً وممارسة وتقنية استمدها من دراسته الفنية التي قطعت مراحل متقدمة في الفن التشكيلي والنحت وتجذره الاجتماعي العراقي منذ السومريين والاشوريين وعطاءات حضارة وادي الرافدين وتواصلاً مع الفن الاسلامي والزخرفة العربية والموروث العربي والشناشيل… واكتسب خبرات عديدة من العديد من الفنانين العالمين امثال بيكاسو ومور ومارينو ماري وغيرهم. عدا الرسم والنحت اهتم (جواد) بالسيراميك وبرسم الكاريكاتير وكان يصنع التحف الفضية والنحاسية.. وله تصاميم عديدة لاغلفة الكتب منها ديوان الجواهري الاول وديوان (قصائد عارية) للشاعر حسين مردان ومجموعة (عرق وقصص اخرى) لجبرا ابراهيم جبرا والمجموعة القصصية (اشياء تافهة) لاخيه الفنان نزار سليم و(اغاني المدينة الميتة) لديوان شعر بلند الحيدري. اضافة الى ذلك فقد نجح في العزف على آلة (الكيتار) مع فرقة الرافدين الموسيقية وكتب العديد من المقالات عن الموسيقى.ومن اشهر الاعمال التي استطاع ان يقدمها جواد هو (نصب الحرية) في بغداد الذي يعتبر ملحمة متجددة تتواصل مع الزمن… في ملامحها التقنية ومضمونها الانساني الدال على ثورة 14 تموز 1958 وهذا العمل التاريخي بقي شاخصاً امام العراقيين معبراً عن حريتهم متحدياً الظلم والاستبداد وتشهد الايام الحاضرة سقوط الدكتاتورية وسقوط اصنامها وبقاء الاعمال الخالدة التي تعبر عن حرية الشعوب ومستقبلها في الديمقراطية والتي عبر عنها الفنان جواد سليم في هذا النصب بتحطيم جدران السجون وابوابها الحديدية من قبل ارادة الشعب ونضاله الطويل من اجل الحرية. ومن اعمال جواد المشهورة منحوتته (السجين السياسي) التي قام بتهريبها الى لندن عام 1953 للمشاركة في المسابقة الدولية مع 3500 نحات حيث فاز بالمرتبة الاولى لفناني الوطن العربي وبالمرتبة السادسة بالنسبة لنحاتي العالم. وفي لوحاته كلوحة (السقاء) اسئتلهم حياة الناس البسطاء وعكس عالم الطفولة في لوحات اخرى مثل )اطفال يلعبون) وغيرها من الاعمال التي توضح قدرته على تعبيرعن بيئته باعتباره جزءاً من مكوناتها وحاجتها ومستقبلها المنشود. زمن اقوال جواد في الفن (الفن قطعة لموزارت قصيدة من المعري صفحة من مولييروالفنان الجيد يخدم الانسان) وكذلك من اقواله (ليس الفن بالشيء الذي يحتاج الى فنان فقط الفن هو العيش في بقعة ما انه شيء يحدث بين انسانوما بين الارض التي يعيش عليها وهو بحاجة الى فهم ومن يفهم شعباً جديداً وارضاً جديدة كلاهما الآخر يستغرق زمناً زمناً طويلاً). ويقول عنه رفيق رحلته الفنية فائق حسن (عبرت اعمال جواد ليس عن فنه فقط بل عن مدى ثقافته العامة ومنها الادب والشعر والموسيقى وزيادة على هذا وذاك الحس والشعور المرهف. ان جواد لن يترك فراغاً باعتباره فناناً قديراً بل انه ترك اثراً ليصبح بعد ذلك منبعاً لامكانات اخرى مختلفة تتفاوت بالقدرة مكملة لما بدأ به فناننا الكبير في مجال اخر يقول خالد الرحال ان ملحمتين مهمتين حدثاً في العراق اولاهما ملحمة كلكامش والاخرى ملحمة الحرية لجواد سليم.

ليست هناك تعليقات: